الجمعة، 1 أبريل 2011

مأزق الشرطة ، والشارع المصرى ..!!

على لسان زوجة ضابط شرطة

عبدالوهاب حنفى



ليس غريبا أن نستلهم الحلول مصادفة ..!! أو أن تأتينا الأفكار فى اتجاه حلول المشكلات من أحداث عارضة ، أو مشاهدات ( غير مقصودة ) ،فالمهم هو أن نملك حاسة الالتقاط السريع لما يمر علينا عرضا .

ونحن الآن ، فى حالة حراك مجتمعى ، واعلامى ، حول عودة الأمن الى البلاد ، متمثلا فى عودة رجال الأمن الى ( وظيفتهم ) فى الشارع ، وهو الموضوع الذى تدور حوله كافة الحوارات بدءابالفضائيات وحتى جمهور مترو الأنفاق ..!!



ووسط هذا الخضم واللغط الدائر، اذا بى ، وانا أتابع أحد البرامج التليفزيونية الحوارية المباشرة ، أستمع الى مداخلة تليفونية من سيدة تتحدث بانفعال واضح لتدلى برأيها فى موضوع ( مشكلة ) عودة الشرطة الى الشارع ، حيث قدمت حديثها بأنها زوجةِ لأحد ضباط الشرطة ، وقد وضح من انفعالها البالغ مدى تحاملها الشديد على الثورة ومطالبها ، حتى أنها قالت بالحرف : ( يعنى أيه أن الشرطة تبقى خادمة للشعب ؟؟ الشرطة خادمة للوطن ..!!واذا كانت خادمة للشعب يبقى يقعدوا فى بيوتهم أكرم ..!! ) وقالت – فيما قالت – أيضا عند حديثها عن احجام التلاميذ عن الذهاب للمدارس لعدم وجود الأمن فى الشارع ، قالت بالحرف : ( أنا عندى فى البيت بدل العسكرى اتنين ، وبرغم ذلك لا أغامر بذهاب أولادى الى المدرسة خوفا عليهم ...!! ) وليتها لم تعلن ذلك صراحة فى جهاز اعلامى ولكن ماقالته السيدة حرم أحد ضباط الشرطة يستوقف النظر ، بل ويضعنا أمام تشخيص الحالة الراهنة التى يعيش ويفكر بها رجال الشرطة فى الظرف الراهن ، بعد النجاح - غير المتوقع منهم - لثورة 25 يناير ،وكأنما الزمن يعيد نفسه ، عندما أطاحت ثورة يوليو بباشوات القصور، واذا بنا – الآن – أمام المأزق النفسى الحقيقى الذى يعيشونه .فالسيدة – حرم الضابط – لا تتصور حياتها بدون اثنين من جنود الشرطة ، لخدمتها المنزلية ، وهم الذين تم تجنيدهم لخدمة الوطن ، وهو ما يفسر أن مفهوم ومعنى( الوطن ) اختلط – فيما مضى – لدى رجالات الشرطة ، وأنهم- فقط – من يمثلون الوطن ، على طريقة فيلم البريء ..!! وربما لاتستطيع السيدة حرم ( الباشا ) أن تتصور كيف تنزل لقضاء احتياجاتها بسيارة الشرطة كما كانت تفعل من قبل ، فى الوقت الذى يقوم فيه قسم الشرطة بجمع ثمن بنزين سيارة الترحيلات من المحالين للنيابة لتوصيلهم الى المحكمة ...!!!

ولعلنا نذكر هنا ماقاله اللواء الذى أقيل منذ أبام على أثر تعليماته لمرؤسيه ، ( بأننا أسيادهم ، يقصد المواطنين ) وذلك الضابط الذى أجرى مداخلة تليفزيونية على أثر حادث ضابط المعادى الذى استخدم سلاحه ( الرسمى ) فى خلاف شخصى مع سائق ميكروباص ، واصفا كل المواطنين الذين تدخلوا لفض المشاجرة بالبلطجية ...!! فكل من ليس من جهاز الشرطة هو بلطجى بالضرورة ،

تلك هى ثقافة الشرطة التى كانت سائدة فيما مضى

هناك النموذج الآخر للبعض ممن يرفضون العودة للعمل ، وهم من تلك الفئة التى اعتادت على الدخل اليومى الذى يشكل موردا رئيسيا فى حياته العائلية ، حيث الراتب ( الرسمى ) لايكفيه لمدة ساعة واحدة ،قياسا بدخله اليومى سواء من المواطنين ، أو من البلطجية ، اذن كيف يعود هذا النموذج لخدمة مجانية ، لايقابلها سوى الراتب ( اليتيم ) ..!!؟؟؟

أحد الضباط الشرفاء من أمن الدقهلية (من جماعة أطلقت على نفسها اسم ، ضباط لكن شرفاء ، أذيع له خبرعلى موقع ( اليوم السابع ) يقترح نقل كافة رجال المباحث والمرور واستبدالهم بآخرين غير ملوثين ،والشرفاء كثيرون ، ( وهو المقدم الذى يتحدث فى الفيديو الملحق بأول المقال ) ولعلنا نتسائل ،لماذا لايتم تبديل هؤلاء الرافضين للعودة للعمل بآخرين من الأمن المركزى وقوات الأمن للعمل فى ادارات الأمن العام والمباحث ، ضباطا وجنودا ، خاصة بعد أن تحولت مباحث أقسام الشرطة الى امبراطورية منفردة السلطان ..؟؟

ومن الغريب أن الأمر قد اختلط لدى الشرطة بين مفهوم مهمة الخدمة المدنية وبين الوظيفة السياسية ، وهو الخلط الذى تسبب فيه النظام السابق حينما أوحى لأخواننا العاملين فى هذا الجهاز الخدمى المهم ، بأن مهمتهم قاصرة – فقط – على خدمة النظام وليس المجتمع ..!!

اذن نحن أمام ثقافة امتدت لعدة عقود ، ليس من السهل تغييرها بسرعة ، فالثقافة تحتاج الى تغير وليس تغيير ، وتحول لا تحويل ، أى أن المشكلة تحتاج الى وقت ليس بالقصير كما يتصور البعض ممن ينادون بنزول الشرطة الى الشارع المصرى ، وكأن شيئا لم يحدث ، ويادار مادخلك شر ،فالأمر ليس بهذه السطحية المخلة ،وانما هو يحتاج الى دراسة حالة ، فالشرطة لاتتصور بسهولة أنها يمكن أن تنزل الى الشارع فاقدة صولجانها الذى امتد لعقود طويلة ، بالتأكيد ، نحن بصدد حالة تدعو للرثاء ،ثم الى الدرس العلمى للقضية حتى يمكن أن نصل الى أفضل العلاجات وأسرعها ، دونما أخذ الأمور بالعواطف ، والاكتفاء بشعار ( الشعب والشرطة ، ايد واحدة ..!!)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الى موقع فولكلور