الجمعة، 1 أبريل 2011

حرفة جريد النخيل فى الواحات

حرفة جريد النخيل.. فى الواحات (عبد الوهاب حنفى )

طبقا للاحصاءات الزراعية فى مصر عن عام (2010 )فى مجال زراعات النخيل نجد مايقرب من 15 مليون نخلة تزرع فى حوالى 76 الف فدان أى بنسبة 7% من مساحة الأراضى التى تشغلها أشجار الفاكهة.
وقد تزايدت زراعة أشجار النخيل خلال العشرين عاما الماضية بصورة ملفتة ، بسبب الاقتصاديات المتنامية لسلعة البلح كمنتج تصديرى ، خاصة فى مناطق واحات الوادى الجديد التى تضم وحدها ما نسبته 93% من مصانع تعبئة البلح .
حرفة منتجات الجريد
حرفتان فقط تقومان على جريد النخيل ، الأولى هى حرفة الخوص ( أوراق سعف النخيل ) والثانية هى حرفة تصنيع الجريد ، وتتفوق الأولى فى اتساع رقعة انتشارها ، نظرا لمحافظة منتجاتها على وظائفها المحلية بصورة نسبية ، فضلا عن تخصص النساء فى ممارسة حرفة الخوص كأحد الأنشطة المنزلية للمرأة فى الواحات وبعض قرى الريف المصرى .
من الضرورى – قبل التعرض لتفاصيل الحرفة – أن نتعرض أولا للتوزيع الجغرافى للنخيل ( مصدر الخامة ) ومقارنتها بمناطق انتشار الحرفة على الخريطة المصرية .
تتوزع أشجار النخيل فى مصر على معظم المناطق المصرية ، الا أن الواحات المصرية الخمس ( الداخلة والخارجة والبحرية وسيوة والفرافرة ) تضم حوالى 60% من نخيل مصر ، بينما تتوزع النسبة الباقية على مناطق جنوب الجيزة ، ورشيد ، والفيوم ، وجنوب الصعيد ( غرب أسوان )
والمتتبع لحركة النمو فى أعداد النخيل فى مصر، يلاحظ أنها ترتفع فى الواحات خاصة الداخلة والخارجة والبحرية ، بسبب اقتصاديات ثمار البلح التى تتميز بشدة فى هذه المناطق ، بينما ينخفض منحنى النمو فى باقى مناطق النخيل بسبب التخلص التدريجى من الأشجار للامتدادات العمرانية ، مع انخفاض الجدوى الاقتصادية لنوعيات ثمار البلح المنتج ، وهو ما يتمثل فى مناطق مثل المرج ( شرق القاهرة ) والعريش بشمال سيناء .وجنوب الصعيد الذى يتخلص من النخيل لتحل الزراعات المحصولية بدلا منها .
على الجانب الآخر ،وعلى مستوى حرفة منتجات الجريد، فاننا نلحظ تباينا نسبيا بين مناطق انتاج الخام ( جريد النخل ) من ناحية ، وأماكن توطن الحرفة من ناحية أخرى ، فبينما تنتشر أشجار النخيل بكثافة مرتفعة فى الواحات عموما ، فاننا لانجد الحرفة سوى فى الواحات الداخلة فقط ، وتحديدا فى مدينة موط ، حيث تقوم الواحات الأخرى بالتخلص من الجريد الناتج عن أعمال التقليم الموسمية اما حرقا ، أو ببيعه بأسعار زهيدة للغاية للحرفيين فى الفيوم وهى المنطقة التى تحتل المرتبة الأولى فى مصر من حيث حجم الانتاج وتعدد المنتجات ، وعدد السكان الممارسين للحرفة ، وبالتالى ، حجم الناتج المحلى من الايرادات المالية، ففى قرية العجميين التابعة لمركز ابشواى بمحافظة الفيوم – مثلا – نجد أن حوالى 80% من القوة العاملة تعمل فى حرفة صناعة أقفاص تعبئة الفاكهة والخضراوات ، حيث يصل انتاج الحرفى الواحد الى معدل 50 – 70 وحدة فى اليوم بنظام خط الانتاج الجماعى ، ويترواح سعر الوحدة من 3-4 جنيهات .وتضم العجميين حوالى 5000ورشة لتصنيع الجريد مابين الورش اليدوية ، والأخرى الميكانيكية التى تقوم على تشغيل الجريد بطريقة الأرابيسك
لذلك ، نجد أن الفيوم تستورد كميات ضخمة من جريد الواحات البحرية وهى الأقرب جغرافيا ، خاصة وأن تكلفة هذا الاستيراد لايزيد على أجورالنقل فقط ، وذلك لأن كمية النخيل فى الفيوم لاتكفى لهذا الانتاج الحرفى الضخم . وتجدر الاشارة هنا الى أن مصانع تعبئة البلح بالواحات البحرية تقوم سنويا باستقدام بعض الصناع من الفيوم لصناعة وترميم الأقفاص قبيل كل موسم ، ولفترة مؤقتة .
كذلك تنتشر صناعة الأقفاص بكثافة فى المناطق المحيطة بالقاهرة الكبرى ، شأن كل المدن ( المتروبوليتانية ) التى يضم حزامها كافة مناطق انتاج الخضر والفاكهة التى تبتلعها الأسواق يوميا ، فنجد ، فى جنوب الجيزة قرى المتانيا وأبو النمرس وبعص قرى العياط ، حيث تشكل هذه الحرفة النشاط السكانى السائد . كذا فى فى أطراف القاهرة الكبرى مثل المرج والخصوص ، وبعض قرى طوخ ، وكفر شكر .
واذا كانت الحرفة تقتصر- تقريبا- على انتاج الأقفاص التى يطلق عليها أيضا ( عديات) فى المناطق التى ذكرناها ، فهناك مناطق أخرى تضم نقاطا انتاجية للأثاث المنزلى ، مثل الواحات الداخلة والفيوم ، وان كانت الأخيرة أكثر انتاجا وتنوعا فى منتجات الجريد ، نظرا لقربها من مراكز التسويق السياحى ، خاصة القاهرة والجيزة ، بينما تتميز الحرفة فى الواحات الداخلة بالاستجابة لمتتطلبات البيئة ، فنرى فيها مثلا صناعة مساكن الجريد المتنقلة التى تستخدم فى الحقول الزراعية ، حيث التباعد بينها وبين الكتل العمرانية ، وهو ماتفرضه مواقع الآبار
تأتى الأنشطة السياحية فى مقدمة الطلب الاستهلاكى لمنتجات أثاثات الجريد كمنتج محلى متميز ، حتى أن أحد فنادق واحة سيوة ذات النجوم الخمسة ، يستخدم منتجات الجريد فى كافة أثاثاته ، داخل غرف الاقامة وخارجها ، هذا فضلا عن المقاهى السياحية ، ومظلات الحدائق العامة وأماكن الترفيه .
ومن أهم منتجات الجريد فى الواحات هى صناعة الأسقف فى البيوت المشيدة بالطوب اللبن وكذالك أسقف الطوابق الأخيرة فى المبانى الحديثة ( المسلحة ) اتقاء لارتفاع درجات الحرارة ، وتسمى حرفة سقف الجريد ( الحبك ) ويقوم بها نجار جريد متخصص ، كذلك تنتشر فى الواحات ظاهرة جراجات السيارات من الجريد ، وأيضا أسوار البيوت والحدائق بالاضافة الى أبواب الزرائب ( المساطيح ) ومخازن الأعلاف ، التى عادة ما تتواجد خارج الكتلة السكنية .ومن المنتجات ذات الاستخدام المنزلى ، عشش الدواجن بأحجامها المختلفة ، وسلال المهملات المنزلية ، وكثيرا ماتجد سلال الجريد المعلقة على أعمدة الآنارة فى شوارع الواحات الداخلة
خطوات الصناعة
أولا : الحصول على الخام
تجرى عملية تقليم النخيل ( قطع الجريد الزائد) فى شهرى فبراير ومارس من كل عام قبل اجراء عملية التلقيح ، وعادة مايتم تقليم ثلاثة أدوار من النخلة بواقع ثلاث جرايد للدور، فيكون الناتج السنوى هو 9 جريدة من النخلة الواحدة ، هذا بالنسبة للاناث من النخل ، أما ذكور النخل فيمكن تقليمها فى أى وقت من العام – وبنفس الكمية - بعد استخدام طلعها فى تلقيح الاناث .
ثانيا : طرق الحماية
تكون الخطوة الأولى بعد قطع الجريد هى سلخ الخوص من الساق بعد قطع الجريد من النخل بيوم واحد فقط ، وعادة ماتقوم السيدات والصبية من أسرة الحرفى بهذه المهمة .
والجريد بعد قطعه من النخيل يكون عرضة للتسوس شأن الأخشاب عموما ،ولكن ، ومن واقع خبرة نجارين الجريد ، فأن الجريد الناتج من نخيل الأراضى الملحية يكون أقل عرضة للتسوس ,وبصفة عامة فان النخيل فى الحقول الواقعة بعيدا عن المساكن تكون عادة قوية ، ومقاومة للتسوس ، بعكس تلك الموجودة فى الحدائق الملاصقة للعمران ، فهى تكون أكثرقابلية للسوس ، ويفسر المتخصصون ذلك بسبب عدم تعرض النخيل للهواء بدرجة كافية .
ولكن فى مقدمة طرق الحماية تأتى عملية تعريض الجريد الأخضر ( المقطوع حديثا ) للشمس فى شكل حزم ، يتم تقليبها بعد يومين ، حتى لاتتجمع المياه فى الجانب السفلى من الجريد ، حيث تصيبه بالهشاشة ، وسهولة التسوس .
ولعل أكثرمنتجات الجريد التى تتعرض للتسوس هى المنتجات التى تستخدم ثابتة وغيرمتحركة ،والبعيدة عن التهوية مثل الأسقف ، وحوائط الجريد الداخلية ، والقواطع المنزلية .
كذلك فاننا نجد أسلوبا آخرا فى حماية الجريد ( الخام ) من التسوس ، يتبع فى التجمعات الكبيرة لحرفة الجريد ، مثل الأقفاص ، وهى اجراء عملية (تدخين ) للجريد الخام المخزن ، بايقاد نيران تنتج دخانا كثيفا يتخلل قطع الجريد المخزن مما يساعد على قتل بويضات حشرة السوس

ثالثا: التشغيل
هناك خطوات لبدء تشغيل الجريد فى شكل منتجات نمطية كانت ، أو منتجات غير تقليدية .
بعد يومين من تعريض الجريد للشمس ، يصل الى درجة ( الضمور) وهى الدرجة التى تسبق الجفاف ، حيث تسهل عملية التثقيب الآمنة . وبصفة عامة ، فان كميات الجريد مهما بلغ حجمها ، فانه يتم – خلال فترة الضمور – اعداده من ( تقطيع وتوضيب وتثقيب) لتكون أجزاء المنتج جاهزة للتركيب الذى عادة ما يتم لاحقا ، وهو الأسلوب الذى يتم فى حالة المنتج النمطى الضخم ، كأن يكون الحرفى متخصص فى انتاج الأقفاص مثلا ، لذلك نجد أنه فى حالة انتاج قطع الأثاث ، والمنتجات السياحية غير النمطية ، فان الأمر يستوجب دائما توفير جريد خام أخضر للقيام بتجهيزه بدءا من مراحله الأولى .
يأخذ أسلوب الانتاج فى حرفة الجريد ثلاث طرق:
الطريقةالأولى،
هى طريقة( خط الانتاج) أى أن انتاج القطعة الواحدة من المنتج، يشارك فى تصنيعها أكثر من حرفى ، بواقع حرفى لكل خطوة ، وهو الأسلوب المتبع فى الانتاج الجماعى للأقفاص بصفة خاصة ، وهذه الطريقة تضمن السرعة فى الانجاز وبالتالى غزارة الانتاج .


الطريقة الثانية ،
هى طريقة العمل بالتوازى ، وهى الطريقة التى يشارك فيها عدد من الحرفيين بالتوازى ، وتتبع هذه الطريقة فى صناعة المسطحات الواسعة مثل الأسقف ، وجدران حوائط الجريد .
ففى حالة الأسقف ، تكون الأعواد الحاملة ( العروق )للسقف مثبتة بطريقة عرضية ( عرض الغرفة أو القاعة المراد سقفها ) فى حين تتم عملية ( حبك) السقف بالجريد بطريقة طولية متعامدة على الأعواد الحاملة ، وذلك بربطها بجرايد عرضيه موازية للأعواد ، وتسمى الجريدة العرضية ( حمار) ويتم توزيع العمل فى السقف بواقع تولى حرفى لحمار واحد ، على أن يسير الحرفيون المشاركون بالتوازى الى أن ينتهى السقف .
الطريقة الثالثة ،
وهى الطريقة الفردية ، حيث يتولى الحرفى القيام بكافة خطوات انتاج القطعة من بدايتها وحتى تشطيبها النهائى ،وهى الطريقة التى تتبع حاليا فى معظم الأماكن التى لا يتوافر بها تجمعات حرفية ، وغالبا ما تتبع هذه الطريقة فى ضناعة قطع الأثاث ، والتى غالبا ما يخضع فيها الحرفى الى المواصفات التى يطلبها العميل ، وبالتالى فهى منتجات غير نمطية ، وكذلك فى حالة انتاج القطع المنزلية ، مثل مطرحة صناعة الخبز، والأباجورات ، وسلال القمامة ،ومكاتب الطلاب ...الخ
وانتا ج مثل هذه القطع يتم بطريقتين فى تثبيت الأجزاء ، الأولى بالمسامير ، والثانية بالخوابير ، ويتم الحصول على الخوابير اما من بقايا ( فرمة التخريم) أو من انتاج الماكينات التى تقوم بتشغيل وتجهيز خام الجريد لتشكيلات الأرابيسك ،
وهنا يجب التنويه الى أن الطريقة اليدوية فى هذه الحرفة هى التى تعطى للصانع مجالا أوسع لللابداع الفردى ، الذى يخضع للخبرة الفنية والمزاج الشخصى .
ويقول الحاج سفينة عبدالحميد شيخ نجارين الجريد فى الواحات ، أن سرير الجريد يمكن تنفيذه بشبابيك وديكورات بديعة ، ويضاف اليه مفصلات فى الأجناب لسهولة الفك والتركيب والنقل، ولكن العميل الذى يطلب سريرا من الجريد عادة ما يهدف الى رخص السعر ، فى حين أننا نقوم بتنفيذ سرير الجريد المتميز لغرف القرى السياحية والفنادق بأشكال غير تقليدية متميزة وكذلك نقوم بتنفيذ دواليب داخل الحائط من الجريد .
ويستهلك السريرالتقليدى الواحد من الجريد الخام 25 جريدة فى الطول و15 فى العرض ، بينما يستهلك الكرسى 25 جريدة .ويستخدم الجريد الأخضر فى الأجزاء التى تحتوى على دورانات ، لمرونته وسهولة تشغيله ، بينما يستخدم الجريد الجاف تماما فى عمل أسطح التحميل ، وقرصة المقاعد .ويستغرف السرير يوم عمل ( حوالى خمس ساعات ) بينما يسغرق الكرسى الواحد نصف يوم .

أنواع الجريد
وينقسم الجريد الى عدة أنواع طبقا لنوع النخلة ، فمنها المنتور ، والصعيدى ، والمنتور التمرى ، والتمر ، والحجازى ، ولكل نوع منها خواصه المميزة التى يتم توظيفها فى منتجات الجريد ، ويقول الحاج سفينة عبد الحميد شيخ نجارين الجريد فى الواحات الداخلة ، أن جريد نخيل التمر هو المقابل لخشب الزان فى الأخشاب الطبيعية ، لذلك يقتصر استخدامه على أجزاء التحميل مثل قرصة المقاعد ، وقوائم أرجلها ، ويجمع الحرفيون فى الواحات على أن جريد النخل ( الصعيدى ) هو من أفضل الأنواع من حيث القدرة على التشكيل والمرونة ، وان كان أقل قوة وتحمل من جريد التمر والمنتور التمرى , أما جريد نخيل (المنتور) فهى التى تقع على منتصف خط درجات الجودة .وهى التى تستخدم عادة فى تصنيع أرابيسك الجريد .
وجدير بالذكرأن درجة جودة الجريد فى تشغيله للانتاج ، تتناسب تماما مع مدى جودة ثمار البلح الذى تنتجه النخلة .

أدوات الحرفة :
تتميز حرفة الجريد ببساطة آلاتها وتقليديتها ، وهى فى معظمها صناعة محلية يقوم بها حداد شعبى مجاور
وتتكون أدوات حرفى الجريد ، طبقا لخطوات العمل كما يلى :
1- منجل ، وهو الذى يطلق عليه فى وادى النيل ( شرشرة ) وتستخدم فى قطع الجريد من النخل ، بالاضافة الى سلخ الخوص لفصلها من السيقان
2- سكينة ، وتستخدم فى فى شق الجريد طبقا للاستخدام .
3- فرمة ، وهى التى تستخدم فى ثقب ( تخريم ) الجريد ، وهى مجموعة فرمات بفتحات متدرجة ، حسب الطلب ، وجميعها من صناعة الحداد البلدى .
4- شاكوش ، لادخال الجريد فى تشكيل الأجزاء عبر الثقوب .
5- منشار حدادى ، لقطع أجزاء الجريد والزوائد فى تشكيل القطاع
6- مبرد خشابى ، لتنعيم أسطح الجريد المتلاصق ، مثل قرصة الكرسى ، ومطرحة الخبز .
7- أجنة ، وتستخدم فى تسوية أرجل الكراسى التى يستخدم فيها الأجزاء الغليظة من الجريد ( رأس الجريدة )
8- مبرد ديل فار ، ويستخدم فى توسيع وتنعيم ثقوب الجريد .
9- مرزبة ، وتستخدم فى تركيبات المسطحات الكبيرة مثل قرصة السرير ، وكذلك تركيب جريد الأسقف ( الحبك )
10- زاوية ، وتستخدم فى ضبط زوايا قرصة الكرسى والظهر والمخادع

مشكلات الحرفة
وحرفة الجريد ، شأن معظم الحرف اليدوية فى مصر ، لها ما يهددها ، ويعوق نموها ، بل ويدفع لتراجعها وهناك مجموعة من الأسباب ، من بينها مايلى :
1 – انتشار العمارة الحديثة التى لم تعد تستخدم أسقف الجريد التى كانت تدر دخلا ماديا للحرفيين ، وأيضا تستهلك كميات كبيرة من الجريد الذى تنتجه مساحات النخيل الكبيرة فى الواحات.
2 - ضعف العائد الاقتصادى للحرفة لم يعد مشجعا للاقبال عليها من الشباب .
3- عدم تضمين المناهج الدراسية فى مؤسسات التعليم الفنى ( المحلى ) لبرامج التدريب على الحرف الشعبية المحلية ، بل وتطويرها أيضا ، خاصة حينما نعلم أن الواحات عموما بها مدارس زراعية تقوم بتدريب طلابها على كافة الصناعات المتعلقةبالمنتجات الزراعية – والتى لاتربطها علاقة بالمجتمع المحلى – فيما عدا صناعات الخوص والجريد ، برغم أن النخيل هو الزراعة والمحصول الوحيد فى الواحات ..!!!

( عبد الوهاب حنفى )
.

مأزق الشرطة ، والشارع المصرى ..!!

على لسان زوجة ضابط شرطة

عبدالوهاب حنفى



ليس غريبا أن نستلهم الحلول مصادفة ..!! أو أن تأتينا الأفكار فى اتجاه حلول المشكلات من أحداث عارضة ، أو مشاهدات ( غير مقصودة ) ،فالمهم هو أن نملك حاسة الالتقاط السريع لما يمر علينا عرضا .

ونحن الآن ، فى حالة حراك مجتمعى ، واعلامى ، حول عودة الأمن الى البلاد ، متمثلا فى عودة رجال الأمن الى ( وظيفتهم ) فى الشارع ، وهو الموضوع الذى تدور حوله كافة الحوارات بدءابالفضائيات وحتى جمهور مترو الأنفاق ..!!



ووسط هذا الخضم واللغط الدائر، اذا بى ، وانا أتابع أحد البرامج التليفزيونية الحوارية المباشرة ، أستمع الى مداخلة تليفونية من سيدة تتحدث بانفعال واضح لتدلى برأيها فى موضوع ( مشكلة ) عودة الشرطة الى الشارع ، حيث قدمت حديثها بأنها زوجةِ لأحد ضباط الشرطة ، وقد وضح من انفعالها البالغ مدى تحاملها الشديد على الثورة ومطالبها ، حتى أنها قالت بالحرف : ( يعنى أيه أن الشرطة تبقى خادمة للشعب ؟؟ الشرطة خادمة للوطن ..!!واذا كانت خادمة للشعب يبقى يقعدوا فى بيوتهم أكرم ..!! ) وقالت – فيما قالت – أيضا عند حديثها عن احجام التلاميذ عن الذهاب للمدارس لعدم وجود الأمن فى الشارع ، قالت بالحرف : ( أنا عندى فى البيت بدل العسكرى اتنين ، وبرغم ذلك لا أغامر بذهاب أولادى الى المدرسة خوفا عليهم ...!! ) وليتها لم تعلن ذلك صراحة فى جهاز اعلامى ولكن ماقالته السيدة حرم أحد ضباط الشرطة يستوقف النظر ، بل ويضعنا أمام تشخيص الحالة الراهنة التى يعيش ويفكر بها رجال الشرطة فى الظرف الراهن ، بعد النجاح - غير المتوقع منهم - لثورة 25 يناير ،وكأنما الزمن يعيد نفسه ، عندما أطاحت ثورة يوليو بباشوات القصور، واذا بنا – الآن – أمام المأزق النفسى الحقيقى الذى يعيشونه .فالسيدة – حرم الضابط – لا تتصور حياتها بدون اثنين من جنود الشرطة ، لخدمتها المنزلية ، وهم الذين تم تجنيدهم لخدمة الوطن ، وهو ما يفسر أن مفهوم ومعنى( الوطن ) اختلط – فيما مضى – لدى رجالات الشرطة ، وأنهم- فقط – من يمثلون الوطن ، على طريقة فيلم البريء ..!! وربما لاتستطيع السيدة حرم ( الباشا ) أن تتصور كيف تنزل لقضاء احتياجاتها بسيارة الشرطة كما كانت تفعل من قبل ، فى الوقت الذى يقوم فيه قسم الشرطة بجمع ثمن بنزين سيارة الترحيلات من المحالين للنيابة لتوصيلهم الى المحكمة ...!!!

ولعلنا نذكر هنا ماقاله اللواء الذى أقيل منذ أبام على أثر تعليماته لمرؤسيه ، ( بأننا أسيادهم ، يقصد المواطنين ) وذلك الضابط الذى أجرى مداخلة تليفزيونية على أثر حادث ضابط المعادى الذى استخدم سلاحه ( الرسمى ) فى خلاف شخصى مع سائق ميكروباص ، واصفا كل المواطنين الذين تدخلوا لفض المشاجرة بالبلطجية ...!! فكل من ليس من جهاز الشرطة هو بلطجى بالضرورة ،

تلك هى ثقافة الشرطة التى كانت سائدة فيما مضى

هناك النموذج الآخر للبعض ممن يرفضون العودة للعمل ، وهم من تلك الفئة التى اعتادت على الدخل اليومى الذى يشكل موردا رئيسيا فى حياته العائلية ، حيث الراتب ( الرسمى ) لايكفيه لمدة ساعة واحدة ،قياسا بدخله اليومى سواء من المواطنين ، أو من البلطجية ، اذن كيف يعود هذا النموذج لخدمة مجانية ، لايقابلها سوى الراتب ( اليتيم ) ..!!؟؟؟

أحد الضباط الشرفاء من أمن الدقهلية (من جماعة أطلقت على نفسها اسم ، ضباط لكن شرفاء ، أذيع له خبرعلى موقع ( اليوم السابع ) يقترح نقل كافة رجال المباحث والمرور واستبدالهم بآخرين غير ملوثين ،والشرفاء كثيرون ، ( وهو المقدم الذى يتحدث فى الفيديو الملحق بأول المقال ) ولعلنا نتسائل ،لماذا لايتم تبديل هؤلاء الرافضين للعودة للعمل بآخرين من الأمن المركزى وقوات الأمن للعمل فى ادارات الأمن العام والمباحث ، ضباطا وجنودا ، خاصة بعد أن تحولت مباحث أقسام الشرطة الى امبراطورية منفردة السلطان ..؟؟

ومن الغريب أن الأمر قد اختلط لدى الشرطة بين مفهوم مهمة الخدمة المدنية وبين الوظيفة السياسية ، وهو الخلط الذى تسبب فيه النظام السابق حينما أوحى لأخواننا العاملين فى هذا الجهاز الخدمى المهم ، بأن مهمتهم قاصرة – فقط – على خدمة النظام وليس المجتمع ..!!

اذن نحن أمام ثقافة امتدت لعدة عقود ، ليس من السهل تغييرها بسرعة ، فالثقافة تحتاج الى تغير وليس تغيير ، وتحول لا تحويل ، أى أن المشكلة تحتاج الى وقت ليس بالقصير كما يتصور البعض ممن ينادون بنزول الشرطة الى الشارع المصرى ، وكأن شيئا لم يحدث ، ويادار مادخلك شر ،فالأمر ليس بهذه السطحية المخلة ،وانما هو يحتاج الى دراسة حالة ، فالشرطة لاتتصور بسهولة أنها يمكن أن تنزل الى الشارع فاقدة صولجانها الذى امتد لعقود طويلة ، بالتأكيد ، نحن بصدد حالة تدعو للرثاء ،ثم الى الدرس العلمى للقضية حتى يمكن أن نصل الى أفضل العلاجات وأسرعها ، دونما أخذ الأمور بالعواطف ، والاكتفاء بشعار ( الشعب والشرطة ، ايد واحدة ..!!)

من عادات الطعام فى الواحات الداخلة (من كتاب التاريخ الثقافى ) تأليف عبدالوهاب حنفى

تعرضنا فيما سبق عن العديد من الأكلات المرتبطة بسياق معين ، مثل احتفاليات الزواج ، وعاشوراء ، والعشيان الموسمية ..الخ
الا أن هناك العديد من الوجبات الخاصة التى تتميز بها المنطقة منها مايلى :
1- ( فتة الحليبة ) وهى وجبة افطار شائعة فى أنحاء الداخلة ، وهى عبارة عن تقطيع الخبز الشمسى الى قطع صغيرة ، يضاف اليها الحليب الساخن (من البقر المنتشرفى المنطقة ) ومغه القليل من السكر ، ثم يترك حتى يتشبع الخبز بالحليب قبل الأكل . ويطلق على هذه الوجبة بنفس مكوناتها مسميات مختلفة ، مثل( مغلية ) فى قرية الراشدة ، وبعض القرى الأخرى
2- ( الرز والفتة ) وهو الوجبة العامة والمسيطرة على عادات الطعام فى كافة الواحات الداخلة فى وجبة الغداء ، وكثيراما يتناولها الفلاحون ليلا بعد عودتهم من الحقول ، ويتم اعداد الفتة أولا فى الأنجر( طبق كبير من الصاج ) ،وتضاف عليها تقلية الثوم ثم يضاف الأرز فوقها ، ويتوج الأنجر بقطع اللحم .

3- ( الجبنة المعطونة ) وهى من أنواع الجبن الذى تتميز به الواحات الداخلة دون غيرها ،
تخصصت فى صناعته قريتى أسمنت والمعصرة ( المتجاورتين جغرافيا) وتبدأ خطوات صناعته مثل الجبن القريش المعروف ، الاأنه بعد خطوة ( حصير الجبن ) يتم تعبئته فى أوانى فخارية ، تسمى الواحدة منها ( طرشية ) وهى أشبه بالزلعة المعروفة فى صعيد مصر ، وبعد التعبئة يوضع الملح ( بكثافة ) بين طبقات الجبن وفوقه ، ثم يتم غلق الطرشية بسدة من ليف النخيل ، وفوقها طبقة من الطين ، للمزيد من احكام الغلق ومنع دخول الهواء الى داخلها ، وتترك الطرشية لمدة تتراوح من 4-7 أشهر ، حتى تكون صالحة للأكل ، وأشد ما تتسم به هذه النوعية من الجبن ، هو أنها فائقة الكراهة فى الرائحة التى تنتج عن درجة التعطن الشديدة طبقا لمدة غلق الطرشية ، وبرغم ذلك فأنها تتسم بطعم غاية فى الاغراء، ومن المعتاد أن تلحظ الاقبال على شرائها فى سوق مدينة موط ، حيث تجلبه السيدات المنتجات له من أسمنت والمعصره .

4- ( اللبسان ) وهو نوع من الخضر ( الشيطانية ) مايعنى بأنها لاتقاوى لها ، فتنبت مع محصول القمح بدون بذور ، وهو نبات شتوى ، وتناوله مطبوخا فى كافة مناطق الواحات الداخلة ، يؤكل كوجبة خضر مطبوخة منفردة ،أو طبخه مع الأرزفى وجبة متكاملة تسمى ( رز اللبسان ) وهو نبات يشبه الخبيزة أو السبانخ ، ويتم تخريطه بنفس طريقتها ، وهو يشتهر شتاء حيث يطلق عليه السكان هنا ( المضاد الحيوى ) لأمراض البرد ، خاصة ماتتسم به الواحات من برودة قارسة فى ليالى الشتاء ، أما عن طريقة اعداد اللبسان للطعام ، فهو يتسم بمرارة شديدة ، مما يفرض غليه وتصفية ماءه لأكثر من مرة للتخلص من هذه المرارة غالبا ما يؤكل كوجبة افطار للفلاحين ممن تضطرهم مواعيد استحقاقهم لمياه الرى ليلا ، وتعرضهم لطقس الشتاء الصحراوى ، ورز اللبسان يعشقه الكثيرون من السكان على اختلاف وتفاوت طبقاتهم ، بسبب قناعتهم الكاملة بفائدته الغذائية والطبية .

5- ( الطليعة ) وهى من الوجبات المهمة التى تستمد شيوعها من انتشار تربية الأبقار، مما تتوافر معه الألبان بكميات كبيرة ، ما يجعل الحليب متاحا للعامة بيسر وسهولة ، والطليعة هى اللبن المختمر ، فى مرحلة ماقبل ( الخض ) أى كامل الدسم ، ويكون قوامه أشبه بالجيلى ، ويؤكل بالملعقة ، وغالبا ما يكون لوجبة العشاء ، لما تشتهر به الطليعة من فوائد هضمية .


6- ( المريسة ) وهى مشروب يرتبط بالصيام فى شهر رمضان كمشروب ( مثل الخشاف ) قبل تناول طعام الافطار وهو من العادات الآخذة فى الاندثار ، ولم تكن تنتشر سوى فى مدينة موط عاصمة الداخلة ، وهى عبارة عن بلح مخلى من النوى ، ويضاف اليه حبات المشمش الجاف بعد نقعها فى الماء ليوم سابق ، وبعد خلط السائلين معا، يشرب باردا .

7- ( العصيدة ) وهى تختلف تماما عن العصيدة الخاصة بالبدو فى سيناء ومطروح ، فهى هنا عبارة عن مطبوخ بلح العجوة مضاف اليها بعض الدقيق وتترك على النار حتى يغلظ قوامها قليلا ، ثم تؤكل خاصة فى وجبة العشاء الشتوية ، فهى وجبة غذائية تبعث الدفء ، لما تضمه من سعرات حرارية عالية ، فضلا عن وفرة عناصرها من الانتاج المحلى ..

التاريخ الثقافى للواحات المصرية

المقدمة ( مقدمة الفصل الأول من كتاب : الواحات المصرية ، التاريخ الثقافى ) تأليف عبدالوهاب حنفى

لعل منطقة الصحراء الغربية ، التى تضم فى خريطتها واحات مصر الخمس ، هى أقل حظا فى التناول البحثى من الصحراء الشرقية التى تعد بوابة مصر لعبور الغزوات التاريخية ، والتى اتخذت من سيناء مسرحا لمواقف الكر والفر فى الحروب . ومن هنا أتت أهمية سيناء ، واستحقت أن تبذل لها جهود الباحثين والدارسين للأرض والبشر والتاريخ لسنوات طويلة ، وبكثافة علمية موازية ، ومستحقة .
وفى المقابل ، لم تلق الواحات من الدراسات العلمية ماتستحقه ، سواء من الناحية التاريخية ، أو من جانبى الأرض و البشر ، حتى حينما اتجهت الحكومة المصرية الى ارضها ( فى الواحات الجنوبية الثلاث ) لفتح ملف التنمية من هناك ، فانها لم تقم بعمل الدراسات اللازمة والواجبة ، واكتفت بالتعامل معها جغرافيا فقط ، دون دراسة التاريخ الثقافى للمنطقة ، مما كان – لو حدث - سيساعد على تفادى الكثير من المشكلات التى واجهها جهاز تعمير الصحارى ، تلك العقبات التى دفعته للتراجع والانسحاب من خطة التعمير بعد عشر سنوات فقط ..!! ( 1962-1971 ) بعد فشل الخطة .
لذلك ، فان الواحات ظلت بعيدة تماما عن عيون الباحثين ( المدققين ) والساعين الى الكشف عن التاريخ الثقافى لأول بقعة عاش فيها الانسان المصرى منذ حوالى 180 ألف سنة ..!!
بينما اكتفى البعض بمحاولة رصد بعض العناصر الفولكلورية ( عن بعد ) ولكن بلا خطوة تحليلية واحدة لما تم رصده من عناصر ، بسبب غياب المعلومات حول التاريخ الثقافى لميدان البحث .
من هنا ، فقد رأينا أن نبذل هذه المحاولة لسد هذا الفراغ العلمى الذى يمثل نقطة البدء فيما يجب من دراسات تحليلية لعناصر المأثورات الشعبية للواحات المصرية .

والواحات المصرية الخمس هى ( من الشمال الى الجنوب ) واحة سيوة ، الواحات البحرية ، واحة الفرافرة ، الواحات الداخلة ، الواحات الخارجة .
تقع واحة سيوة فى أقصى شمال غرب مصر وهى أقرب الواحات المصرية الى خط الحدود مع ليبيا ،وهى أحد المراكز الادارية التابعة لمحافظة مرسى مطروح وتبعد عنها فى الاتجاه الجنوب الغربى بمسافة 302 كم ، يعتمد النشاط السكانى بها على أشجار النخيل والزيتون ، والعمل السياحى ، وتقوم الزراعة بها على العيون الرومانية ، ولا توجد بها آبار ، تعتمد الحرف التقليدية فيها على التسويق السياحى فقط ، ويتحدث أهالى سيوة اللغة الأمازيغية كلغة أولى ، ولا يتحدثون العربية الا مع الوافدين عليها فقط ، أشهر الوقائع التاريخية المرتبطة بالواحة هى زيارة الأسكندر الأكبر لها ، وانضمت الى السيادة المصرية فى عهد محمد على سنة 1820 م ، تسكنها 11 قبيلة ، عشر قبائل من الواحة ، بينما الأخيرة بطن من قبيلة الشهيبات ، من بدو أولاد على بمطروح . هى أكثر الواحات المصرية تأثرا بالتيار الدينى السنوسى .
وتقع الواحات البحرية على مسافة 200كم جنوب شرق سيوة ، والباويطى هى المدينة العاصمة للبحرية ، وهى على اسم الشيخ الباويطى ( المغربى الذى مات فيها أثناء رحلته للحج ) أهم واحاتها هى واحة الحارة وواحة منديشة ، وواحة الحيز الزاخرة بالآثار الرومانية . تعتمد فى اقتصادها على النخيل والزيتون ، وبعض الأنشطة السياحية ،ولا توجد بها حرفا تقليدية سوى عصر الزيتون ، وهى أقرب الواحات المصرية الى القاهرة (360كم ) ، تابعة اداريا لمحافظة 6أكتوبر .
أما واحة الفرافرة فهى تبعد عن الباويطى جنوبا بمسافة 180كم ،وهى أقل الواحات اتصالا بالعالم الخارجى ، ومنذ أوائل الثمانينيات من القرن الماضى ، بدأت الهجرات الزراعية من قرى الوجه البحرى(كفرالشيخ والدقهلية ) فى عدد من التجمعات المستحدثة على طريق الداخلة /الفرافرة ، شهدت الفرافرة ازدهارا نسبيا فى العصر المسيحى والرومانى ، تنتشر بها حرفة النسيج اليدوى . تتبع واحة الفرافرة محافظة الوادى الجديد .
الواحات الداخلة ، وتقع جنوب شرق الفرافرة بمسافة 320 كم ، وهى أكبر الواحات المصرية من حيث التعداد السكانى وحجم النشاط الزراعى والانتاج الحيوانى ، وعدد الواحات التابعة، وانتشار الحرف التقليدية، والصنائع الخاصة بالعمارة وحفر الآبار .
الواحات الخارجة ( عاصمة الوادى الجديد ) تقع شرق الواحات الداخلة بمسافة185كم ، وجنوب غرب اسيوط بمسافة 225كم ، وهى أقرب الواحات الى وسط صعيد مصر ، ظلت لعصور طويلة معبرا لمصر الى افريقية عبر درب الأربعين ، أهم الواحات التابعة لها هى باريس وبولاق وجناح ، اختلطت فيها ثقافات مختلفة ومتعددة ، بحكم كونها مقرا للادارة .

وتمثل دراستنا هذه الحلقة الأولى فى موضوع التاريخ الثقافى للواحات ، نتناول من خلالها الواحات الداخلة ، والتى نختارها كنقطة البداية للدراسة لعدة مبررات ، منها :
1- أنها أكبر الواحات من حيث التعداد السكانى من المحليين .
2- تميزها عن غيرها من الواحات الأخرى فى النشاط الزراعى ( المستقر ) القائم على الآبار الجوفية .
3- انتشار ممارسة الحرف التقليدية القائمة على منتجات النخيل ، والمحافظة على وظيفة هذه المنتجات فى الحياه اليومية ، فضلا عن شهرتها فى حرفية حفر الآبار وصنائعها ، وتصديرها للواحات الأخرى .
4- تضم الواحات الداخلة العديد من الواحات التابعة التى تصل الى أكثر من 32 واحة تتمايز فيما بينها فى عناصر ثقافية عديدة ، بسبب تعدد الأصول العرقية لهذه التجمعات القديمة .
5- ظلت الواحات الداخلة عاصمة للصحراء الغربية منذ العصور الفرعونية وحتى أواخر عصر محمد على ، ومقرا للادارة والحكم .
6- تمثل الواحات الداخلة – تاريخيا – موقع المفصل ، على طريق درب الطويل ، الذى ظل يربط بين الجزيرة العربية ومصر وافريقيا والمغرب العربى ، خاصة فى طريق حج وتجارة المغاربة .
7- نجاحها فى صد العديد من الغزوات الخارجية التى أتتها سواء من الجنوب ( الغزو النوبى ) أو من الغرب ( الغزو السنوسى )