من اليمين / عواطف / وزينب / عبدالله / عبدالمنعم محمد حنفى / ثم أولاد مهدى أبو العيد ( يأكلون ماهو داخل قوادس عاشوراء )
من اليمين / عواطف / زينب/ عبدالله ، ثم عبدالمنعم محمد حنفى / ثم أولاد مهدى أبو العيد ( قوادس عاشوراء )
( منذ أكثر من ستين عاما ) صور فى مدينة موط
قوادس احتفالية عاشوراء ,,,,,,,,( عبد الوهاب حنفى)
تحتفل المجتمعات المصرية بصفة عامة بمناسبة
عاشوراء فى صور وممارسات متقاربة ، حيث تتفق جميعها فى سياق الطعام ، فهناك من الجماعات
التى تطبخ ( أرز بلبن) وأخرى تطبخ ( عاشورة
) وهى تحتوى على حبوب القمح المطبوخة مع اللبن ، كما تنتشر فى مجتمعات الدلتا عادة
( التوسيع ) وهى أن تقوم الأسرة بذبح المتيسر من الطيور أو الدواجن ، وتكون هذه وجبة
( فوق العادة ) بمناسبة عاشوراء.
أما فى الواحات الداخلة – وفى منطقة موط
تحديدا - فالأمر يختلف ، اذ يحتفل الناس بعاشوراء
من خلال ممارسة غاية فى التميز ، فالمحتفى بهم فى هذه المناسبة هم الأطفال والشباب
حتى سن ماقبل الزواج ..!!!
تبدأ المرحلة الأولى من الاحتفال قبل الموعد
بقرابة الشهرين ، حيث تقوم االسيدات بالبدء فى تصنيع ( القوادس ) ومفردها قادس ، وهو عبارة عن وعاء من
الخوص المضفر من خوص النخيل الأبيض ( الذى يطلق عليه قلوب النخل ) وهو أجود ماتنتجه
النخيل من خوص ، من حيث المتانة واللون .وهو اسطوانى الشكل، له غطاء مثبت من الخلف
، ومن الأمام له قفل من حبل الليف ، ومن الحبل أيضا تصنع يد القادس التى تستعمل فى
الحمل والتعليق .
والقادس – بصفة عامة – له العديد من الاستخدامات
فى المنطقة ، فهو وعاء لطعام الفلاح ، يحمله الى حقله الذى يقضى فيه نهاره كاملا ،
كما يستخدم منزليا فى المشتريات صغيرة الحجم مثل اللحوم ، والقوادس المستخدمة فى هذه الوظائف تكون دائما
من تلك التى استخدمت فى احتفال عاشوراء المنقضى .
واذا كانت الأسرة تضم فى حدود خمسة من الأبناء
، فان الأم تستغرق حوالى ستة أسابيع فى صناعة هذا العدد من القوادس .
بعد ذلك تبدأ مرحلة اعداد وخبز العيش الشمسى
والفطائر الخاصة بهذه المناسبة ,هى عادة ماتكون
قبيل الاحتفالية بيومين ، ثم تأتى المرحلة الأخيرة من الاعداد ، فى ليلة عاشوراء ،
وفيها تقوم السيدة ( الأم ) بتجهيز وطبخ الدجاج المحشو بالأرز ( بواقع واحدة لكل ابن من أبنائها ( الأولاد والبنات ) وسلق البيض ( ست بيضات للولد
وأربع للبنت )
وفى فجر يوم عاشوراء تتم عملية تجهيز القادس
لكل واحد منهم ، بوضع مايخصه بالاضافة الى رغيف من الخبز الشمسى ، ويحتوى القادس
على :
يأتى الدجاج فى مقدمة طعام عاشوراء ، حيث
يخصص ( ديك دجاج ) للولد ، بينما تخصص دجاجة للفتاة ، ويتوقف حجم الديك والدجاجة على ترتيب الولد والبنت بين أخوتهما ،
ولا يستثنى من هذه القاعدة سوى أصغر الأخوة فى حال كونه ذكرا فقط ، فأنه يحصل على ديك
كبير الحجم مثله فى ذلك مثل أكبر اخوته .
بعد الدجاج ، يأتى البيض ويطلق عليه محليا
اسم ( الدحى ، ومفرده : دحية ) ويكون بواقع ست بيضات للولد ، وأربع للأنثى .
أما الفطائر ، فهى تتكون من فطيرتين ، الأولى محشوة بعجينة البلح
، والثانية – وهى الأهم – وتسمى ( القوز ) وهى عبارة عن فطيرة على شكل الولد أو العروسة
،وتنقش بنقوش توضح معالم الشكل ، وتستخدم فى
ذلك حبات الفول السودانى بغرسها فوق عجينة الفطيرة ، لتحديد الملامح والملابس .
ويذكر هنا أن ( القوز ) هو آخر ما يوضع
فى القادس لكى يغطى المحتويات ،فضلا عن أن القوز هو آخر ما يؤكل من محتويات القادس
، ويعد أكله قبل أى صنف آخر من الأفعال التى تثير التشاؤم
البعد الطبقى
ونود هنا الاشارة الى البعد الطبقى فى عنصرين
من عناصرهذه الممارسة ، وهما صناعة القادس ، ثم صناعة الفطيرة ،
فنجد اختلافا - فى صناعة القادس – من حيث درجات وأنماط الوحدات
الزخرفية ، ونوع الخيوط المستخدمة وألوانها
، حيث يتجلى البعد الطبقى واضحا من خلالها ، فطبقة الأغنياء تكون قوادسها مشغولة بخيوط
حريرية ، كما نلحظ فيها دقة الصناعة ، وهذا
النوع المتقن الصنع تقوم عليه صانعة محترفة تصنع القادس مقابل أجر ، وهو ماتلجأ اليه
الطبقة الأعلى ، وفى مقابل ذلك نجد أن طبقة العامة ، تصنع فيها الأم قوادس أولادها وفق خبرتها التى غالبا ما تكون متواضعة من حيث جودة
الصناعة ، وفنية النقوش ، وتوافق الألوان المستخدمة .
أيضا ، يتجلى البعد الطبقى فى صناعة الفطائر
، وخاصة فطيرة ( القوز ) فنجد أن الأسر الميسورة تصنعها من نوع دقيق كعك الأعياد والمناسبات
، بينما تصنع الطبقة الأدنى فطائرها من دقيق الخبز الشمسى ، وهذ الفارق لاتتدخل فيه عوامل التكلفة المادية ،
ولكن تحكمه القاعدة السائدة فى الواحات ، وهى أن الفطائر عموما لاتعرف طرق صناعتها
سوى نساء الطبقة الميسورة فقط ..!!
الاحتفالية
قبل شروق شمس يوم عاشوراء ،يأخذ الصبية
قوادسهم ، ويتجهون فى ملابس جديدة الى أقرب
سقيفة مجاور ة ، ( والسقيفة هى أحد أشكال الشوارع الضيقة المسقوفة فى الواحة ) وقد تعرضنا لشرحها فى فصل
العمارة التقليدية .
يقوم أكبر الأخوة فى كل عائلة بدق الخوابير
الخشبية فى حائط السقيفة ، على ارتفاع حوالى المتر ونصف المتر ، وفى مستوى
واحد يقوم كل الأولاد بتعليق قوادسهم ، فتشاهد
حوالى 40 -50 قادس معلق على جانبى السقيفة الواحدة لأبناء كل منطقة .
بعد تعليق القوادس يجلس الأولاد على مصطبتى
السقيفة المتقابلتين ، كل تحت قادسه ، فى صورة نظامية بديعة ..!!
وفى ساعة خروج الرجال والنساء الى أعمالهم
اليومية صباحا ، يمرون على سقائف الواحة ، ويصافحون الأولاد والبنات ، مع ابداء الاعجا ب بجمال قوادسهم بزخارفها المختلفة
.
وحينما يحل موعد الافطار تبدأ مايطلق عليها
لعبة ( التطقيش ) وفيها يمسك الواحد منهم ببيضة ( ويطقشها ) فى بيضة زميله ، والطقش هنا بمعنى التصادم ، ومن تنكسر بيضته يخسرها لصالح منافسه ،،!
وفى هذه اللعبة تظهر المهارات الخاصة لبعض
الأولاد ، مثل طريقة الامساك بالبيضة فى استقبال الضربة المنتظرة من بيضة اللاعب المنافس
، وكثيرا ما كان يلجأ بعض الصبية الى الخداع
فى هذه اللعبة ، بأن يقوم باعداد شكل البيضة – تماما – من حجر أبيض اللون ) الحجر الجيرى
) يسمى( حجر الحكاك ) فلا ينكسر ، ويظل يفوز
على كل من يقابله فى هذه المباريات ، الى أن ينكشف أمره ،،،
بعد ممارسة هذه اللعبة، تبدأ أول مراحل
تناول الطعام ، حيث يتم أكل البيض مع الخبز وقليلا من الفطائر .
أما عن ألعاب الفتيات فهى عادة ماتكون قاصرة على
لعبة ( الحجلة ) التى تسمى ( الأولى) فى مناطق أخرى من مصر ، بينما يقوم الأولاد بممارسة
ألعابهم مثل لعبة ( الميح ) وهى من أشهر ألعاب الواحات الداخلة
وعند الظهيرة ، يفتح كل واحد قادسه ويجلس
على المصطبة ليأكل الدجاج ، ومن الأطفال من يفضل العودة الى البيت للأكل ، وهو مايتبعه
– غالبا – أبناء الطبقة الأعلى