توثيقات مدينة القصر ، وكشف المستور ..!!!

                           ( عبدالوهاب حنفى )

يحتوى الكتاب الذى ألفه الدكتور رودول بيترس عن (وثائق مدينة القصر) على نصوص محققة لمجموعة من الوثائق القانونية والمالية التى كانت جزءا من أرشيف عائلة من ااوجهاء الذين كانوا يعيشون فى مدينة القصر، وهذه الوثائق تغطى فترة زمنية تمتد لاكثر من ثلاثة قرون تبدأ فى أواخر القرن السادس عشر  وتنتهى فى أوائل القرن العشرين ، وتبدأ قصة هذه الوثائق الى عام 2003م حين اكتشف العمال الذين كانوا يقومون بترميم بيت من الطوب اللبن يرجع الى القرن الثامن عشر، قطعا من الورق فى أنقاض بيت مجاور، وطبقا لشاهد عيان محلى فان البيت يعرف بأسم       ( بيت القرشى ) وطبقا لتقارير محلية أن المنزل قد أصبح مهجورا قبل عام 1940م ، وتتماشى هذه المعلومات مع حقيقة أن أحدث وثيقة فى هذه المجموعة ترجع الى عام 1937م .

ويقول الدكتور رودولف أنه أخذ منذ عام 3004 حتى عام 2007م فى الكشف عن باقى المخطوطات التى جمعها من النصوص الدينية والخطابات الشخصية والنصوص السحرية والتمائم ، الى جانب 184 ورقة سليمة من المستندات القانونية والمالية ، قد قمنا بنشرها فى هذه المجموعة من الوثائق التى بلغت 163 وثيقة ، والمجموعة الباقية هى اما غير مقروءة أو أن التاريخ غير مثبت بها ، أو أنها فى تواريخ حديثة      ( أثناء القرن العشرين )  وبعد معالجة هذه المستندات فى الاطار الشفاهى والكيميائى حتى تصبح قابلة للقراءة ، تم وضعها فى مخزن هيئة الآثار المصرية ( تفتيش الداخلة بمدينة موط )

القضاة مابين القصر والقلمون

أثناء تسجيلى لمواد كتاب ( الواحات الداخلة ، دراسة فى التاريخ الثقافى ) عام 2010م كان بين يدى بعض العقود ( الحجج ) الموروثة عن الوالد ، وكان فى البعض منها ماهو حجج صادرة من محكمة القلمون فى عام 1236 ه  وقمت بنشرها فى الكتاب ص 144 .

وظل السؤال الحائر(من هى المدينة التى كانت تحكم الواحات الداخلة ؟؟) وقد كانت الاجابة العلمية الشافية فى متون الوثائق الخاصة فى محكمة القصر ، وقد تضمنت الوثائق أنه تم تعيين نائب قاضى قرشى فى واحة القلمون ( حاكما للواحات ) من 1095، 1099ه وقد تم تعيينه من القاضى القرشى فى محكمة القصر .وظل السؤال الحائر(من هى المدينة التى كانت تحكم الواحات  ؟؟) وقد كانت الاجابة العلمية الشافية فى متون الوثائق الخاصة بالقصر ، اذن كانت محكمة القصر هى الحاكمة فى قطاع الواحات وجرجا ( التى تشتمل على جنوب الصعيد ) ومن داخلها محكمة القلمون أيضا ...!!!

 نذكر - أيضا - القاضى ( يونس القاضى ) حينما نطالع مذكرات أبنه الفنان محمد يونس ، يذكر عن تاريخ والده القاضى ( ... أنه عين قاضيا شرعيا فى محكمة أبوقرقاص عام 1897م ، ثم نقله الى محكمة أبو تيج بأسيوط ، وفى 4/7/1903م تم نقله الى محكمة الواحات ، وقد دفن فيها بناء على رغبة أصحابها ، حيث توفى فى يوم 1909/2/5م وذلك فى ( يلدة القصر ) بموط بالواحات الداخلة ..)

( كتاب محمد يونس القاضى - رائد التأليف المسرحى والغنائى - 2004م  ) 

وفى تلك الفترة كانت العاصمة الأساسية هى مدينة القصر ، والقلمون لاتعد عاصمة ولكنها كانت تضم محكمة تستوفى فيها كافة العقود المالية والاسلامية للبلاد التى تجاور القلمون من حيث المسافات ، وبالتالى فقد كانت مدينة موط ( عاصمة الداخلة فى الوقت الحالى ) وكذلك واحة الخارجة ( عاصمة محافظة الوادى الجديد ) فهى تابعة أيضا لمحكمة القلمون ، وقد كانت الضرائب النظامية ، والضرائب الاضافية التى تفرض على السكان باهظة ، والتى دفعت نائب القاضى الشافعى للواحات فى محكمة مدينة القلمون باصدار وثيقة صادرة من ( كاشف الواحات ) وقد كان نائب القاضى فى محكمة القلمون قد زار بلدة منمونة التابعة لواحة الخارجة     ( ووجد أن البلدة فى حالة خراب ، وأن جميع الرجال الأصحاء قد هجروها ، وأن النساء الذين ظلوا هناك أخبروه أن الرجال قد فروا الى وادى النيل ، لأنهم كانوا غير قادرين على دفع الرسوم المفروضة على البلدة ) ولكن كاشف الواحات قد وجد أن عائدات الضرائب باتت فى خطر كبير ، فقدم تعهدا رسميا معززا باقتباسات من القرآن الكريم ، مفاده أنه سيعمل على تصحيح الوضع من خلال رفع المطالب المالية الاضافية      ( غير النظامية ) ومن الآن فصاعدا سيكون عليهم دفع الضرائب النظامية فقط .

( مدينة ) القصر 1848م

                      ( عبدالوهاب حنفى )

فى عام 1848م أثبتت مدينة القصر أنها كانت تعيش  – وربما قبلها ايضا – هى المدينة الأكبر على مستوى الواحات الداخلة والخارجة التى كانت تحكم من القاهرة ، وتليها مدينة القلمون ، وفى كلتا المدينتين كانت توجد محاكم شرعية ، وطبقا لتعداد فيما بين 1848م وتعداد 1867م  ، كانت مدينة القصر تضم حوالى 3500 نسمة ، وكانت تضم مدرسة ، والتى يعرف مبناها بأسم ( المحكمة ) وقد كانت ( معهدا تعليميا ) يضم غرفا صغيرة لاقامة الطلاب الأغراب من خارج مدينة القصر ، وفيها تعلم معظم القضاة والكتبة الذين تظهر أسمائهم فى ( مجموعة وثائق القصر ) وهى التى كانت ضمن الكتاب التوثيقى ( وثائق مدينة القصر بالواحات الداخلة ) تأليف الدكتور رودلف بيترس .

وقد ضمت هذه الدراسة المستفيضة العديد من المعلومات ذات القيمة عن سكان مدينة القصر منها ( أنهم كانوا مسلمين ، وأكثر من تسعين بالمئة من الرجال وصقوا بأنهم مزارعون ، فالى جانب مئة وخمسة عشر رجلا وصقهم تعداد 1848 م بأنهم صنايعية ، وهم اثنان وعشرون حدادا ، وواحدا وعشرون حلاقا ، وتسعة عشر نجارا  ، وثلاثة وعشرون فخرانيا ، وان الأعمال الخزفية التى أنتجتها فخرانيوا مدينة القصر قد صدرت الى مختلف بلدان وقرى الواحات الداخلة ، ومن أصحاب المهن الأخرى فى القصر : الصاغة ، والحصرية ، والقزازون ، والغطاسون اللذين يعملون على تنظيف آبار المياه ، والنحاسون ، والاسكافية ( الملاخون ) وفيما بالمهن الدينية بأنه كان هناك قاض شرعى واحد ( بدرجة نائب ) واثنان من المفتين ، وحوالى خمسة عشر من علماء الدين والخظباء ، وكان أيضا بعض الأرقاء ( العبيد ) فى القصر ، ويشير تعداد 1848م الى وجود ثمانية وعشرين رقيقا  ، ويوزعهم على بيوت المدينة .

( ووثائق مدينة القصر سوف يتم نشرها على حلقات ( باذن الله )    وهى الحلقات الأهم ، وهذا المقال هو الحلقة الأولى )   

                                           

                                     ( عبد الوهاب حنفى )