الثلاثاء، 14 نوفمبر 2017

الحلقة 18 ( سقوط آخر النقاط القوية )

الحلقة 18 ( سقوط آخر النقاط القوية )
حكايات فى رحلة الحصار
مذكراتى حول حرب1973
                 بقلم / عبدالوهاب حنفى



أعد لنا فرع سلاح الاشارة بالفرقة ، سيارة (R106 ) نتحدث منها مع ذوينا من الأهل والأقارب ، فكانت هذه وسيلة الاتصال بهم ، ومن بين المكالمات تلك التى تمت بينى ومابين زوجتى ( رحمها الله ) وكان علينا ألا نلفظ بكلمة ( الحصار ) و كانت تسألتى : حتيجى امتى ؟؟ فأرد عليها : انتى مابتسمعيش ( مونت كارلو ) ..؟؟؟ وهى اذاعة من فرنسا كانت تردد أننا محاصرون  . وكانت ترد على بقولها : انت طالبلى أغنية ...؟؟؟؟؟
فهو دليل من الاذاعات المصرية على أنها لا تعترف بأننا فى الحصار .!!
كان اللواء صالح النشوانى ( رحمه الله ) رئيس هيئة البحوث العسكرية ، يتصل بالعميد فوزى خليل رئيس عمليات الفرقة 19، وكان صديقة منذ أيام الكلية الحربية ، فسأله عن الملازم أول عبدالوهاب حنفى ، فقال له العميد فوزى : آهو جنبا زى القرد ..!!! وعلمنا منه أن أبى وأمى سيذهبون الى الحج ان شاء الله ...
0 كان من بين الأطعمة التى تصلنا يوميا ( صفائح السمنة ) وكان من بينها جريد لآخبار اليوم ، كتب فيها فى أول صفحة على اليمين خبر يقول : قوات من قيادات الأركان فى أندونيسيا  تزور قوات الجيش الثالث الميدانى الذى تدعى اسرائيل أنها تحاصره ...!!!!!
وهذا هو دليل قوى على عدم اذاعة النبأ على الملآ ، وهذا هو تكتيك الحرب الذى بدأناه مع العدو من أول التدريب على المعركة .

0قصة اقتحام لسان بور توفيق
احتلال النقط القوية :  كانت من بين النقاط القوية التى أحتلتها قواتنا فى الفرقة 19 مشاة فى الساعات الأولى من الحرب هى :
1-  نقطة قوية رقم 149 على شاطىء القناة
2-  نقطة قوية رقم 148 "     "         "
3-  نقطة قوية رقم 149 "    "         "
4-  تقطة قوية رقم 158 بالجباسات
5-  نقطة قوية بلسان بور توفيق

ونقطة لسان بور توفيق بدأ اقتحامها من يوم 6 أكتوبر وظلت المعارك دائرة بها حتى وقت الظهيرة يوم 13 أكتوبر التى أستسلمت فيه، وهذه هى قصة احتلالها :
 يعتبر لسان بورتوفيق الممتد من الشاطئ الشرقي للقناة بمثابة داخل 200 مترامن قناة السويس، إذ تحيطه المياه من ثلاث جهات، ويصل طوله إلى كيلو مترين ويتراوح عرضه ما بين 50 و300 متر. وطبيعة اللسان صخرية مما يصعب معه رسو القوارب المطاطية عليه. ويمتد على اللسان من جهة الغرب المدخل الجنوبي لقناة السويس الذي يبلغ عرضه حوالي من 300 إلى 400 متر وهو أقصى عرض للقناة، كما يشرف اللسان في الجنوب على خليج السويس.
وقد أقام الإسرائيليون حصنا منيعا من حصون خط بارليف عند منتصف اللسان في مواجهة بورتوفيق وأطلقوا عليه اسم حصن كواي، وكانوا يستغلونه بحكم موقعه المشرف لادارة نيران مدفعية النيران والمدفعية بعيدة المدى لقصف المناطق المصرية الحيوية على الضفة الغربية للقناة، وهي مناطق بورفؤاد والسويس ومعامل البترول بالزيتية والقاعدة البحرية بميناء الأدبية، وللاشراف بالملاحظة على منطقة بعيدة ممتدة تشمل خليج السويس حتى منطقة السادات خاصة باستخدام الوسائل البصرية.
وكان العدو قد خصص للدفاع عن موقع لسان بورتوفيق حوالي سرية مظلات، ودعمها بفصيلة دبابات كانت تتمركز خارج النقطة القوية علاوة على فصيلتي دبابات كانتا تتمركزان خارج اللسان كاحتياطي تكتيكي للموقع. وكانت تكديسات الذخائر والطعام والمياه داخل النقطة القوية تكفي حاجة الموقع للقتال أكثر من 15 يوما تحت ظرف الحصار.
ووفقا للخطة الموضوعة أسندت إلى الكتيبة 43 صاعقة من المجموعة 127 صاعقة الموضوعة تحت قيادة الجيش الثالث والتي كانت يتولى قيادتها العقيد أ. ح فؤاد بسيوني، مهمة الاغارة على موقع لسان بورتوفيق واحتلال اللسان، بهدف معاونة أعمال قتال الفرقة 19 مشاة التي كانت تعمل على الجنب الأيمن للجيش الثالث الميداني. وفي الساعة الثانية وخمس دقائق بعد ظهر يوم 6 أكتوبر 1973، بدأ التمهيد النيراني للمدفعية، ولم يتم قصف موقع اللسان كما كان مخططا، ولكن أسلحة الضرب المباشر بدأت في اطلاق نيرانها وتم فتح ثغرتين في موقع العدو. وعند بدء القصف قام العدو بدفع 5 دبابات من احتياطيه التكتيكي خارج الموقع إلى داخل اللسان، ولم تتمكن أسلحة الضرب المباشر على الضفة الغربية من اصابتها نظرا لتحركها خلف الساتر الترابي، وفي نفس الوقت قامت مدفعية العدو بقصف بورتوفيق قصفا مركزا. وفي حوالي الساعة السادسة والنصف مساء يوم 6 أكتوبر وتحت ستر نيران المدفعية وأسلحة الضرب المباشر، بدأت مجموعات الكمائن من الكتيبة 43 صاعقة في عبور القناة بعدد 9 قوارب مطاطية، ورغم نيران العدو الكثيفة تمكنت هذه المجموعات من الوصول إلى الساتر الترابي واصابة دبابتين للعدو، وقامت بعمل كمائن القطع خارج وداخل اللسان، وكذا رص حقلين مضادين للدبابات لمنع الدخول والخروج من اللسان.
وفي الساعة السادسة والدقيقة الأربعين مساء يوم 6 أكتوبر، دفع قائد الكتيبة 43 سرية الصاعقة المخصصة لمهاجمة النقطة القوية الرئيسية، ورغم النيران المركزة التي انهمرت عليها أثناء عبور القناة مما أدى إلى استشهاد قائد السرية وبعض أفرادها، فقد تمكنت السرية من الوصول إلى الساتر الترابي ونجحت احدى فصائلها في مهاجمة واحتلال الجزء الجنوبي للنقطة القوية وتدمير العدو بها. وقام العدو بشن هجوم مضاد على هذه الفصيلة مرتين .. احداهما في أول ضوء والثانية في آخر ضوء يوم 7 أكتوبر، ولكن المحاولتين باءتا بالفشل وظلت الفصيلة متمسكة بموقعها. وحاول قائد كتيبة الصاعقة استغلال نجاح هذه الفصيلة فقام بدفع فصيلتين لتعزيزها. وتحت ستر قصف نيراني مركز في الساعة السابعة مساء يوم 7 أكتوبر قامت الفصائل الثلاث بمهاجمة النقطة القوية الرئيسية من اتجاه الجنوب، ولكنها عجزت عن اقتحامها فقرر قائد الكتيبة سحبها إلى الضفة الغربية لاعادة تجميعها.
وعند منتصف ليلة 7/8 أكتوبر قرر قائد الكتيبة 43 صاعقة تنفيذ عملية الهجوم مرة أخرى بقوة سرية جديدة كاملة بوحدات دعمها. وقامت سرية الصاعقة بعبور القناة بقواربها في سكون مستغلة ساعات الظلام وبدون أي ستر من نيران المدفعية، وفور وصولها إلى الشاطئ الشرقي اندفعت لمهاجمة النقطة القوية ولكن نظرا لقوة تحصينها لم تتمكن من اقتحامها . وأصدر قائد الكتيبة أمره بضرب الحصار حول الموقع وعزله تماما عن العالم الخارجي ، وقرر عدم اعادة شن الهجمات ضده حفاظا على أسلحته وأرواح جنوده، إذ ان حامية الموقع عقب هذا الحصار المحكم لا مفر أمامها سوى التسليم. وحاولت طائرات العدو كسر هذا الحصار، فقامت بعض الطائرات من طراز فانتوم في الساعة العاشرة مساء وعند منتصف الليل يوم 9 أكتوبر بشن هجمات جوية عنيفة على كمائن القطع عند مدخل اللسان، لاجبارها على التخلي عن مواقعها حتى يمكن ارسال تعزيزات إلى الموقع، ولكن مجموعات القطع ظلت متمسكة بمواقعها رغم ما حاق بها من خسائر.
وكان قائد الحصن الإسرائيلي الملازم أول شلومو أردينست قد أدرك منذ الليلة الأولى ان الحصن محاصر من جميع الجهات، ولكنه لم يكن لديه أي شك في أن قوات الجيش الإسرائيلي ستأتي سريعا لنجدته وترفع الحصار المصري عنه. ولكن بعد مرور بضعة أيام تحرج الوضع داخل الحصن ، فقد أخذت الذخيرة في التناقص ونفد المورفين والأمصال والضمادات، وراح الجرحى يتلوون من آلامهم. وفي اليوم الخامس وصلت إلى الحصن رسالة لاسلكية من القيادة الجنوبية الإسرائيلية كان نصها: "اذا لم نستطع خلال 24 ساعة ارسال التعزيزات اليكم يمكنكم الاستسلام". وكان داخل الحصن 42 جنديا منهم 5 قتلى و20 جريحا مصاب بجروح خطيرة. وفي الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا يوم 13 أكتوبر، تم استسلام الموقع عن طريق الصليب الأحمر الدولي ورفع العلم المصري عليه، ووقع في الأسر 37 فردا منهم 5 ضباط
سلم الموقع و اعطى ملاذم اول شلومو أردينست العلم الأسرائيلى إلى قاتد الكتيبة 43 صاعقة و تم رفع العلم المصري و صورت فيدو و تم تصوير عملية استسلام الحصن غرب القناة