تخرجت فى كلية الآداب / عين شمس / شعبة
الفلسفة 1970م ، وكنا نعيش فى مصر والأمة
العربية كلها ، فى زمن النكسة ، وهى الحرب التى خضناها مع العدو الاسرائيلى فى خمسة
أيام ، وكانت نتيجتها انسحابنا من سيناء ( من أول غزة الى ضفاف قناة السويس ) وما
فوق الهزيمة ، هو اننا فقدنا 80% من طائراتنا فى مطاراتها !!! كما أن جنودنا قد انسحبوا من أرض المعركة للخلف
فى ذكريات كنت أتذكر منها الحكايات التى كان يقصها علينا الأستاذ سيد حسن عيد
(وكان ضمن الجنود المنسحبون فى معركة النكسة ، وكان أيضا ممن شاركوا فى حرب اليمن
) ويالها من قصص ...!!!
عقب تخرجى كان الوقت قد حان للتقدم الى (
القرعة ) فى أسيوط ، وقد تحدد اليوم فى تاريخ 29 سبتمبر، الا أن الرئيس جمال
عبدالناصر قد توفى فى يوم28سبتمبر ، وكان تأجل الموعد ليكون 6 أكتوبر 1970 وكان
معى وقتها الأستاذ عبدالقادر أحمد محمود ( والذى شغل منصب زئيسا لمركز الداخلة
فيما بعد )
وكان اختيارى لأكون ضابطا احتياطيا ،وكانت
كلية الضباط الاحتياط فى احدى قرى مدينة اسنا فى محافظة قنا ، وكانت فى الأصل فى
محافظة الاسماعيلية ، وتغيرت الى اسنا بعد النكسة ، بغرض الاخفاء والتمويه عن
العدو ( كانت الكلية فى قرية من القرى التى أعدت لسكان النوبة بعد تهجيرهم من
بيوتهم أثناء بناء السد العالى ) ولكن سكان النوبة هاجروا فى أماكن أخرى ، لأن
القرية كانت تدخل فى مجاهل الصحراء غربى منطقة اسنا ، والسكان النوبيون كانوا-
فيما مضى - يسكنون الى جوار النيل ..!!!
تعلمت فى أثناء الكلية بما تكون عليه الحياة
العسكرية ، بكل ما فيها من ضبط وربط وانتظام ، وحسن الادارة ، التى علمتنى كثيرا
كيف أدير فصيلة فى الجيش ، وفيما أوكل الينا بالخدمة المدنية فى مصر.
كان ضمن زملائى فى الكلية أستاذ دكتور فى
المعهد العالى للصحة العامة فى الاسكندرية ، فقد كنا فى صداقة مستمرة طوال فترة
الكلية .
قضينا بالكلية أربعة أشهر، فتخرجت لأكون
ضابطا فى سلاح النقل ، ووزعتنى ادارة النقل على قيادة الجيش الثالث
بالسويس(الكتيبة19نقل) وهى تابعة للفرقة 19 مشاة .
والكتية – مثل كل الوحدات فى الجبهة – كل
مافيها من سيارات وملاجىء ومكاتب تحت الأرض ، ولايظهر منها الا فتحات العبور ...!!
كان قائد الكتبة واسمه مقدم رسمى لبيب غبريال
قد عيننى ضابطا للوثائق ، وكان من أهم المواقف التى قابلتها أثناء خدمتى بالكتيبة
، هو أننى حين عينت ضابطا نوبطشيا على الكتيبة ، وأثناء مرورى على المطبخ وفى
معيتى مساعد الكتيبة ، وأثناء تواجدى عند باب المطبخ ، لمحت – من بعيد - سيارة من
ماركة ( جيب قيادات) دخلت حيز الكتيبة بسرعة حتى توقفت فى أعلى الجبل فى ظهر
الكتيبة الشرقى ، وأنا فى أشد الحيرة من هذا الأمر ، كيف تكون سيارة تشق مجال
الكتيبة وأنا واقف ؟؟؟ وانتظرت لدقيقتين ، ثم أتت السيارة الينا ، فتقدمت اليها ،
ووجدت سائقها يرتدى
( بالطو كاكى ) فسألنى : انت مين ؟؟ فرددت
عليه : أنا ضابط توبتطشى
فقال لى : مانا عارف ، يعنى اسمك أيه ؟؟
فنظرت الى المساعد من خلفى ( ووجدته فى صورة
لم أره فيها منذ أن رأيته من قبل ..!! ) يحمل كرشا لم أكن أتوقع أن يخفيه خلف حزام
، ويضع فوقه ( السترة ) وقد لبس الكاب ، ويرفع يده بأداء التحية ...!!!! وفهمت أن الزائر لابد وأن يكون رتبة عالية ..
وما كان منى الا أن أديت التحية ، فقال لى :
انت مش عايز تقوللى على اسمك ليه ؟؟ هو أنت لازم تستأذن من الصول بتاعك عشان
تقوللى ..!!
فرددت : أنا الملازم عبدالوهاب حنفى
فترجل عن السيارة ونزل الى المطبخ ويده فوق
كتفى ، وسألنى : خريج أيه ؟؟ فقلت له : خريج فلسفة عين شمس
فقال لى : انت أفلاطون ولا سقراط ؟؟
قلت له : يافندم الاثنين حلوين يافندم
فقال لى : انت اللى حلو ياعبدالوهاب ..!!!
ودخل المطبخ ، وكشف كل الحلل ، وقال – مخاطبا
الجنود الطباخين- برافو يارجالة
وخرج من المطبخ وقبل أن يدخل السيارة صافحنى ،
وقال لى : سلم على رسمى (قائد الكتيبة)
ذلك هو اللواء عبدالمنعم واصل ، قائد الجيش
الثالث
ومضيت فى كتيبة النقل حوالى ستة أشهر ، تعرفت
خلالها على العديد من الرتب التى كانت الكتيبة تتعامل معهم ، ومن أشهرهم العقبد
علاء ياور رئيس الشنون الادارية بالفرقة ، الذى تبادل معى الكتب ( الفلسفية) وقد
كان لدية عشقا للاطلاع عليها ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الى موقع فولكلور